Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
ESPOIR
20 juillet 2011

شخصية الآخرين

ما هي السمات والصفات التي بموجبها يتم الحكم على الإنسان بأنه إنسان محبوب ومرغوب فيه وصاحب شخصية ممتازة.. بينما يتم الحكم على إنسان آخر بأنه سيئ.. أو عديم الشخصية أو أن شخصيته مكروهة؟ بالتأكيد هناك معايير وأسس يتم الحكم بموجبها ولكن.. هل هذه الأسس أو تلك المعايير ثابتة أو متفق عليها بمقتضاها يكون الحكم على شخصية الإنسان حكما عادلاً لا غبار عليه؟؟

مهلا.. قبل أن نذهب بعيدا في بحور الشخصية الإنسانية لابد أن نتعرف أولاً على معنى" الشخصية" وما هي:..وماذا تعني؟ أجمع علماء النفس والاجتماع على أن الشخصية الإنسانية تركيب معقد وتحتاج إلى ألفاظ دقيقة لتعريفها، وشبهوا الشخصية الإنسانية بالطبيعة الجغرافية بما فيها من جبال وأنهار وصحاري وغابات وتأثيرها في نوعية الهواء والماء.. وأنها في تغير مستمر بسبب احتكاك بعضها ببعض وبسبب تأثير عوامل أخرى فيها، وهو ما يعني أن شخصية الإنسان قابلة للتغير إلى الأحسن إن رغب في ذلك. والأقوال تعددت في تعريف الشخصية وان اتفقت كلها تقريبا على أن هناك شيئا ما في سمات الإنسان يحدد شخصيته، ومن خلالها تكون تصرفات الإنسان ومواقفه مع الآخرين، وهذه السمات هي التي تحدد الخطوط الرئيسية لشخصية الإنسان، فعالم النفس الروسي "د.سيميونوف" يرى أن الشخصية هي ما تجعل الإنسان يختلف عن غيره..بينما عالم النفس الأمريكي والكاتب المشهور ومؤسس معهد العلاقات الإنسانية بنيويورك " ديل كارينجي " يؤكد بأن الشخصية هي الخصائص التي تجعل الشخص بالهيئة التي هو عليها مميزا عن الأشخاص الآخرين، وعلى الأخص حين يكون له طابع معين، أي أن الطابع هو الشيء الذي يميز شخصية الإنسان طبقا لما قاله " ديل كارينجي " وعن طريق طابع الإنسان تتحدد معالم شخصيته..

ويرى فريق آخر من علماء النفس والاجتماع أن الشخصية الإنسانية هي نظام متكامل من سمات مختلفة تميز الفرد عن غيره من ناحية التوافق الاجتماعي، وان كنت أنا شخصيا أميل لترجيح هذا التعريف عن غيره من التعريفات المختلفة للشخصية الإنسانية، لأنه عن طريق تصرفات الإنسان وسلوكه يمكن التعرف على معالم شخصيته، وأحدث تعريف للشخصية الإنسانية يقول: إنها نموذج السلوك الذي يميز الشخص عن غيره كما تتميز بصمات الأصابع بين الناس،أو كما تتميز بصمات الصوت بين مختلف البشر، إلا أن الشخصية لا تتكون من صفات جامدة لا تتغير مثل بصمة الأصابع بل تتشكل من الأمور التي تجعلنا نحب ذلك الشخص أو نكرهه أو لا نعيره اهتماماً..

ومن هذا المنطلق فان بحثنا عن السمات أو الصفات التي يتصف بها الآخرون يمكن من خلالها أن نتوصل إلى كشف شخصية الآخرين وبذلك لا تعتبر شخصية الإنسان لغزا على الإطلاق إلا إذا أخفقنا جميعاً في معرفة صاحب تلك الشخصية على وجه اليقين أو فاجأنا بتصرفات غير متوقعة منه إطلاقا. ومع ذلك لابد أن نؤكد على أن كشف شخصية الآخرين ليس من السهولة، لأنه ثبت علميا صعوبة ضبط معايير هذه الصفات كي نخرج بقياس مضبوط للشخصية كلها، وعلى هذا الأساس فان ما نكتشفه هو المعالم الظاهرة والخطوط الرئيسية للشخصية، ولبيان ذلك لا تتعجب إذا علمت أن عالم النفس الأمريكي "أولبورت" أثناء قيامه ببحث في جامعة هارفارد عن الصفات التي يمكن حصرها في الإنسان للحكم على شخصيته فوجدها (18 ألف صفة).. وعندما وجد استحالة في تطبيق تلك الصفات قام بالتركيز فقط على ثلاثة ألاف صفة في كل إنسان موضع بحثه للحكم على شخصيته.. وهو ما يؤكد أن اكتشاف شخصية الآخرين ليس أمرا سهلاً.

قديما كان معيار شخصية الإنسان ينحصر ما بين شخصية انطلاقية سهلة الاندماج بالناس أو شخصية انطوائية تفضل العزلة.. إلا أن هذا المقياس ينقصه الكثير والكثير من الحقيقة، لأن شخصية الإنسان تتكون من مزيج من تصرفاته وآرائه وعاداته ومقاييسه الخلقية ومدى فهمه لنفسه ومقدار تقييمه لها وأهدافه في الحياة وغير ذلك، كما أن الانسجام مع الآخرين تحكمه ضوابط في شخصية الإنسان، منها تأثره بأعمال الناس وأقوالهم ونظرتهم للحياة ومقاييسهم للصواب والخطأ، ونحن نسعى لمعرفة شخصية الآخرين للتعامل معهم في سلام نفسي وسعادة، ولا تتعجب إذا عرفنا أن المفكر الانجليزي "والت وتمان" في بحثه عن السعادة تمنى أن يعيش مع الحيوانات لا مع البشر، لأنها في رأيه تتصف بهدوء البال والقناعة النفسية، لا ترهق نفسها، ولا تتصب عرقا في سبيل لقمة العيش ولا تتقلب في ظلام الليل تندب حظها باكية على ما فات، وليس فيها الرافض للحياة أو المصاب بحمى امتلاك الأشياء ولا أحد فيها مرفه أو معذب بسبب الآخرين، كلمات يمكن من خلالها تحليل شخصية ذلك المفكر.. الذي ظلت شخصيته لغزا حير علماء النفس.

Publicité
Commentaires
Publicité
Publicité