أنسب وقت للتأثير في الناس

هل هناك وقت معين دون غيره يمكن فيه أن نؤثر في الناس دون غيره من الأوقات؟بالطبع وبالمنطق نعم..ولعل أنسب وقت هو ذلك التوقيت الذي يكونون فيه على استعداد للتأثر، ولكن اختيار الوقت المناسب لهذا التأثير لا يمكن أن تعرفه دون أن تكون قادرا على امتلاك مهارة اختيار الوقت المناسب لكل فعل..على طريقة الرجل المناسب..في المكان المناسب أيضا..

سئل مفكر قديم ما الذي يحتاج إليه الإنسان لكي يشق طريقه في الحياة، هل يحتاج إلى العقل؟..أو السلطة أو الجاه والمال؟..والغريب أن ذلك المفكر هز رأسه لسائله مستنكرا ما ذهب إليه دون توقع وقال له: إن كل الأمور التي في عقلك من احتياجات كلها أمور مساعد للإنسان على أن يشق طريقه في الحياة..

والحقيقة التي أكدها علماء النفس والاجتماع تكاد تكون متفقة تماما مع ما ذهب إليه ذلك المفكر،فاختيار الوقت المناسب لكل عمل نقوم به ولأي عمل نقوم به مهما كان هو العامل الأكثر أهمية وهو مفتاح النجاح في الحياة كلها.فإذا كنت تتقن فن معرفة الوقت المناسب لكل ما تفعل وخاصة في تصرفاتك وسلوكياتك مع الناس فلن تحتاج إلى السعي وراء السعادة والنجاح، بل سيجتازان بابك من تلقائهما..وإذا كنت تستطيع فعلا أن تغتنم اللحظة المناسبة عندما تسنح لك وتتصرف قبل انقضائهما فان النجاح سيكون حليفك دائما..

وثق أن التصرف اللائق والمؤثر والسلوك الممتاز ليس سوى توقيت مناسب لتلك الأفعال والسلوكيات..فالتوقيت المناسب ليس إلا مهارة يمكن أن يكتسبها كل من يهتم ببذل أي جهد في هذا السبيل، ولكي تتقن مهارة التوقيت الصحيح لابد من أن ندرك ونراعي خمس نقاط أساسية:

الأولى..أن نعي وندرك أن التوقيت الصحيح أمر حاسم في الشؤون البشرية وأننا حين نعي الوقت المناسب فإننا نكون قد خطونا أولى خطواتنا نحو اكتساب القدرة على التأثير في الناس.

والثانية..أن نعقد اتفاقا مع النفس يقض بألا نتكلم أو نقوم بأي عمل ونحن في ثورات الغضب الجامحة لأن مشاعر الغضب أو الخوف أو الأذى أو الحسد أو الحقد..الخ قادرة على تدمير أداة الوقت مهما كانت متقنة الصنع..وتذكر دائما أن كل إنسان قادر على أن يغضب وهو أمر في غاية السهولة ولكن أن يكون الإنسان غاضبا غضبا مناسبا على الشخص المناسب إلى الدرجة المناسبة وفي الوقت المناسب وللغاية المناسبة وبالطريقة المناسبة فذلك ليس ممكنا ولا سهلا على الأقل..

والثالثة..أن تشحذ قوى التحسب واستباق الأمور، وأن تكون لك النظرة المستقبلية،فالمستقبل ليس كتابا مغلقا، وأن الكثير مما سيحدث غدا قد يكون نتيجة لما يحدث اليوم.ومن مهارات إتقان الوقت الصحيح أن تعرف الوقت الذي يزيل فيه عمل ما الآن متاعب ستحدث في المستقبل..

والرابعة..أن تكون صبورا وأن تتعلم الصبر، وهو مزيج ممتاز من الحكمة وضبط النفس، وأن تدرك أن العمل الذي يؤتى قبل أوانه قد يفسد كل شيء..

والخامسة..أن تعرف الوقت المناسب الذي يمكن أن تخرج فيه من نفسك وتتجاوزها، وثق أن لكل شيء أوانا وزمنا لكل غاية..

فلتكن يا صديقي مكتسبا لهذه الفضيلة التي تمنحك القدرة على اختيار الوقت المناسب للتصرف المناسب وأن تغتنم اللحظة المناسبة عندما تسنح لك وتتصرف قبل انقضائها فان فعلت ذلك ستتيسر لك سبل الحياة وتصبح أكثر تأثيرا في الاخرين..