Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
ESPOIR
7 avril 2008

قراءة في عولمة الأقنعة

masque    

عجبا لهذا الواقع الذي نركب في فلكه هذه السنوات الأخيرة من الألفية الثانية, واقع بدأت ألوانه تكشف عن حجابها,تتسرب يوما بعد يوم, وتختمر ألواحه بأقنعة فصولية, مرة تدعوك لتستمتع برمالها وشمسها, ومرة أخرى تتساقط عليك أوراقها فتجعلك غذاء دسما للدهر, وتارة يتهاطل مطرها بغزارة فيقذف بك في ويلات لا تعرف سبيلا للخروج من براثينها, وتارة أخرى تلبسك حلة فردوسية يفوح عطرها طربا وأملا...

أستغرب- كما تستغرب أنت- من هذه الأقنعة فأنظر إليها مرة تلو الأخرى فأكتشف أنني في مهرجان تنكري,أحضر مراسيمه دون بطاقة الدعوة..مهرجان كثيرا ما سمعت وقرأت عنه في طفولتي وأيضا في مراهقتي, لكن لم أستطع أن أعرف ماهيته إلا بعد مرور هاتين المرحلتين من الحياة..انه مهرجان محدود الزمن لكنه يضل مطلقا من حيث المكان, أما أهله فهم من جميع الطبقات, ففيهم أهل الدثور الذين يتلاهفون حول مائدة العرض, يكنزون منها ما يكنزون, ويجعلونها سريرا أبديا لا ينامون إلا عليه, وحلما لا يريدون أن يستيقظوا منه, ومنهم أهل البوائق, وهؤلاء أقنعتهم ظاهرة للعيان ولا تحتمل التأويل..

"الكل يحمل قناعا يتستر وراءه, يغزو به هذا الواقع,ألا تريد أن تكون جزءا من هذا الكل؟سؤال يطرحه علي كثير من أهل المهرجان الذين أعرفهم وأعاشرهم من قرباء وغرباء, وكل مرة أجيبهم بحكمة علمتني إياها دروب الحياة وهي:"إذا كان بالكل داء فلا يمكنك أن تترك معه جزءا سليما خشية العدوى". 

إن هذه الأقنعة التي أصبحت تتوالد بدون عقد نكاح وبشكل ملفت للنظر, وتنمو بخط تصاعدي وكأنها في حلبة سباق كثيرا ما تجعلك تتساءل  وتتساءل عن استمرارية الحياة بدون الانخراط في دوامتها والخضوع لسلطانها, بل قد تذهب إلى أبعد من ذلك فتقول: ماهو سر وجودي في هذا العالم؟, وهكذا تجد نفسك كذلك الغريب في أرض هجرة, أهلها يتكلمون بلغة الضاد بينما تتكلم أنت بلغة الميم, وشتان بين اللغتين...

كثيرة هي الأسئلة التي تجول في ذهنك وأنت تتحدث عن الأقنعة وقد تصبح سببا مباشرا في الإشارة إليك بأصابع التخلف والاتهام, بل بالإلحاد والشذوذ واللعنة أحيانا, لأنك ليس من ركاب قطارها الذي يعتبرونه نموذجا مثاليا من "العولمة" ليس الاقتصادية أو الثقافية أو الاجتماعية, وإنما هي عولمة الأقنعة, فهل من الضروري أن نتحلى بقيمها الغريبة لكي لا نصبح غرباء في أعين أهل المهرجان؟

جريدة المستقل 01/07/99

Publicité
Commentaires
Publicité
Publicité